أعاد تذكيرهم بما قبل النكبة
"سنوات الضياع" يخطف قلوب الفلسطينيين
أبطال المسلسل يشبهون الفلسطينيين في بعض العادات والتقاليد
لأنهم يرون فيه تطلعهم المشروع إلى حياة اجتماعية هادئة وهانئة، كانوا يتمتعون بها في سنوات ما قبل النكبة، يحظى المسلسل التركي "سنوات الضياع"، الذي تبثه شاشة "mbc1" هذه الأيام، بشعبية كبيرة في أوساط المواطنين الفلسطينيين؛ حيث تتابع شريحة عريضة منهم المسلسل، وتتفاعل مع أحداثه، كأنهم يفرون إليه من الذكرى الستين للنكبة التي حلت بفلسطين.
المسلسل قلب -رأسا على عقب- حياة الباحث الفلسطيني سعيد أبو معلا، الذي يضع اللمسات الأخيرة على رسالة الماجستير؛ إذ يقول "بدأت أفرغ نفسي لمتابعة المسلسل، وصرت أخذ إجازة لمتابعة أحداثه الشائقة، بالرغم من واجباتي الدراسية؛ لأن هذه الدراما تدخلني في عالم ممتع، ففي كل حلقة هناك الجديد مما يسرق قلب المشاهد وعقله".
ويتابع "المسلسل يمثل خروجا عن النمط السائد مما يعرض على الشاشة الصغيرة، والمشاهدون في الأراضي الفلسطينية وغيرها من البلدان العربية يرون في المسلسل خروجا عن المألوف من تكرار لدراما سورية أو مصرية أو مسلسلات مكسيكية مدبلجة وغيرها".
في السياق نفسه ترى دعاء مصطفى، وهي موظفة في شركة خاصة بمدينة رام الله، "أن الأبطال لفتوا انتباه جيل الشباب في الأراضي الفلسطينية، بحكم قربهم منا في العادات والتقاليد والثقافة، وتشابههم بشخصياتنا".
وتعتقد دعاء أن لميس ورفيف وعمر ويحيى وغيرهم من أبطال المسلسل استطاعوا الوصول إلى قلوب المشاهد الفلسطيني بامتياز، وتتابع "بدأت أتابع أخبار الشابة التركية التي تقوم بدور لميس، وقصة حبها وملامح شخصيتها، بشكل شخصي من خلال القناة".
أما رنا صبحي، وهي ربة منزل من غزة، فلا تكتفي بمتابعة حلقات المسلسل خلال فترة العصر، بل تعيد مشاهدة حلقات المسلسل بعد منتصف الليل برفقة زوجها عبر قناة 1mbc.
ومع اهتمامها البالغ بالمسلسل، تحاول مراقبة أدق تفاصيل الحياة في تركيا، وسبر أغوار المجتمع التركي، مبدية اهتمامها بالعلاقات الاجتماعية في المسلسل.
دراما ساحرة وعادات قريبةيقول الإعلامي محمود خلوف "إنه في العادة لا يمتلك الوقت الكافي لمتابعة التلفاز، بحكم ساعات عمله الطويلة، لكن الحال انقلب بشأن "سنوات الضياع" الذي بدأ يتابعه بانتظام، ولا يُفوِّت أية حلقة منه، رغم انشغاله وضغوط العمل".
ويتابع خلوف "المثير والممتع والمشوق هو الجديد في كل حلقة، ودرجة الاندماج العالية التي تصيب المشاهد، فإذا تابع حلقة واحدة بشكل عرضي، فإنه سيدمن المسلسل بالرغم من العدد الكبير لحلقاته".
ويضيف "عرض حلقات المسلسل الدرامي الاجتماعي المُدبلج باللهجة السورية، والذي تدور أحداثه في ضاحية صغيرة تجمع أبطال المسلسل وهم (إيليف)، والشاب الفقير (يلماز)، وشخصيات أخرى غامضة شأن الشاب الغني المرفّه (عمر)، وعضو المافيا الشهير (ساديكوغلو)، سيفتح الباب على مصراعيه كي تستضيف الشاشة الصغيرة المزيد من الأعمال التركية".
ومن جهتها التجأت علياء كامل، وهي طالبة جامعية، إلى شبكة الإنترنت، لتقرأ المزيد عن المسلسل، محاولة استباق عرض هذه الدراما.
وتضيف "يطرح المسلسل الدرامي التركي الجديد قضايا اجتماعية واقعية نجدها في مختلف المجتمعات وفي مجتمعنا الفلسطيني أيضا"، فملف الفقر المدقع، ومغريات العمل، والمبالغة في الاهتمام بالمظاهر الخارجية، والرفاهية الفارغة، وتأثيرات المال في نفوس البشر وغيرها، كلها قضايا ليست غريبة عن مجتمعنا.
وحسب الأستاذ الجامعي أدهم علي "تعكس هذه الدراما الصراع بين طبقتي الأغنياء والفقراء، وتتطرق إلى قصص الحب التي تجمع بين أبناء الطبقات".
أما هند مصطفى، وهي مدرسة تسكن إحدى ضواحي مدينة جنين، فتهتم بالتفاصيل الصغيرة لـ"سنوات الضياع"، فهي بجوار تتبع أحداث المسلسل الممتعة، ترصد أوجه الشبه بين الحياة التركية والفلسطينية، وبخاصة أن جدها اختفى في تركيا إبان الدولة العثمانية، وانقطعت أخباره منذ عشرينات القرن الماضي.
وتقول "الأتراك قريبون منا، وثقافتهم هي نفس ثقافتنا، وطريقة عيشهم مشابهة لنا، وحتى الطبقية التي يعرضها المسلسل موجودة في مجتمعنا الفلسطيني والعربي".
وتتابع "اللهجة السورية الجميلة، وبخاصة للنجمة الشابة أناهيد فياض تضيف لـ"سنوات الضياع" المزيد من الجمال، فلو كان المسلسل مترجما أو مدبلجا بعربية فصحى لقل تفاعل المشاهدين معه، ولتسلل إليهم الملل بفعل طول حلقاته".
ذكرى تركية وتفاعل بالنتفي السياق نفسه تقول أم زيدان، وهي سيدة فلسطينية شارفت على الوصول إلى العقد السابع "أشاهد المسلسل؛ لأنه جميل، وأتذكر زوجة قريبنا التركية، وعاداتها غير البعيدة عنا ولغتها ولطفها"، وقد سبق لوالد أم زيدان أن أخبرها عن تركيا، فقد عاش فيها فترة طويلة، ووصف لها طبيعتها الجميلة، وطيب أهلها، ووجوههم التي تشبهنا، وطيبة قلوبهم.
وتختتم "المسلسل حلو، ويذكرني بأبي -رحمه الله- وحديثه لي عن تركيا، وبزوجة قريبنا التي سبق وتعاملت معها كثيرا عن قرب".
من جهته، وجد الشاب حسين عبد الله من مدينة جنين، في شبكة الإنترنت فرصة كافية للتفاعل مع المسلسل، يقول "صرت عضوا في الكثير من المنتديات، أشاهد حلقات المسلسل، وأعلق على أحداثه، وأقرأ تفاعل المشاهدين الآخرين المنشورة، وأحتفظ بصور أبطاله، وبخاصة لميس وعمر ويحيى"، ويروي "سأبني في وقت قريب مدونة خاصة بالمسلسل، وأتمنى أن أستمع لتعليقات المشاهدين عليه".
يُذكر أن مسلسل "سنوات الضياع" يروي قصة الشاب "يحيى" وحبيبته "رفيف" اللذين ينتميان إلى الطبقة الفقيرة، ويحلمان بالزواج إلا أن صعوبات الحياة تحول دون ذلك.
وبعد ذلك يحاول يحيى منع انجذاب خطيبته رفيف نحو ثراء رب عملها "عمر" في مصنع النسيج، لكن الأمر ينتهي به إلى دخول السجن في أثناء محاولة منعها من الانجذاب لحياة الثراء التي أظهرها عمر لها ليغريها.
وفي السجن، تبدأ علاقة تعارف وصداقة متينة بين يحيى وإحدى زعامات المافيا بعدما قام يحيى بإنقاذه، وينتج عنها قيام رجل العصابة بمكافأة صديقه الوفي يحيى بمنحه منصبا مرموقا في شركته العملاقة بعد خروجه من السجن.
وحينها تبدأ قصة حب أخرى بين يحيى ولميس شقيقة عمر، لتبقى عوالم الأبطال العربية متداخلة؛ حيث نرى كيف ينقلب الحب إلى كراهية، والكراهية إلى حب، وكيف يصبح الأثرياء فقراء والفقراء أثرياء خلال 80 حلقة.